اللاخطية في الكتابة التاريخية موضوع سيمنار المركز

نظم المركز سيمنار علمي يوم السبت 20 مايو 2023، تحدث فيه الباحث خالد بن غانم العلي المعاضيد عن المنهج اللاخطي في الكتابة التاريخية، فذكر أن الكثير من المؤرخين قد اعتادوا على استخدام المنهجية "الخطية"، أي المنهجية المتعارف عليها في كتابة الحدث التاريخي، والتي تقوم على الوصفية السردية التحليلية في كتابة التاريخ، وتفسير الأحداث التاريخية التي يتناولونها في كتاباتهم، وتتناول عناصر الحدث المباشرة، وتعتمد على خط تحليلي قد لا يربط كل العناصر بعضها البعض. ولكي ينطلق المحاضر في موضوعه، طرح  عددًا من الأسئلة منها: هل يمكننا باستخدام مستوى أعلى من التفكير، وضع منهجية مختلفة قادرة على تحليل الأمور بطريقة أكثر تشعبًا وتعقيدًا، ولا تقوم على تبسيط الحدث التاريخي والإكتفاء بعناصره المباشرة، وأكثر مناسبة لدراسة العلوم الاجتماعية والإنسانية؟ أي التحول من المنهجية الخطية إلى منهجية "لاخطية"، أي منهجية لا تبسيطية، تُعيد قراءة الحدث وفق عناصره المباشرة والمحتملة، والتي تعتمد بشكل كبير على إمكانيات الباحث، وقدرته على الربط بينها.

وبصدد إجابة المحاضر على هذه الأسئلة ذكر أن قضايا العلوم  الاجتماعية والإنسانية هي قضايا أو أنظمة غاية في التعقيد، لأنها ناتجة عن العلاقة التداخلية المعقدة بين ذات الإنسان وموضوع الدراسة، كما أن الظاهرة الإنسانية أو الاجتماعية قضية معقدة تتداخل فيها عوامل عدة يصعب تحديد العنصر الأكثر فاعلية بينها، ويرى أننا لا نملك في المقابل منهجية مناسبة لفك تعقيداتها وتحليلها؛ فضلًا عن فهمها، أي منهجية تتناسب في تعقيدها مع تعقيد القضايا التي تبحث فيها العلوم الاجتماعية والإنسانية. وأشار إلى أن المنهجية التي يقترحها قد لا تمثل الحل، ولكن قد تكون أكثر مناسبة في تمكين الباحثين في العلوم الإنسانية والاجتماعية في دراساتهم، ولهذا يرى أن المنهجية التي يقترحها قد تكون مفيدة في هذه الدراسات.

انتقل المحاضر بعد ذلك للحديث عن الأنظمة المعقدة، وعناصرها، وطبيعة العلاقات بينها، والسمات المصاحبة لها، ليخلص من ذلك إلى أن النظام المعقد يتكون من عناصر عديدة، مختلفة ومتصلة، ذاتية الحكم، تعتمد على بعضها البعض، كما أنه نظام ذاتي التنظيم، إذ تُنتج تفاعلاته الداخلية، وعلى الفور، أنظمة أو علاقات جديدة على مستويات مختلفة، وذات صفات تختلف عن مجموع صفات العناصر المتفاعلة، كما أنه ليس نظامًا جامدًا؛ بل هناك احتكاكًا وتفاعلًا مستمرين فيما بين عناصره، ويأخذ الشكل الشبكي من الخارج، ويتعامل مع الظروف المحيطة به، ويتفاعل معها، ويطور من ذاته، ويصاحبه فوضى ينتج عنها ظهور نظم أو علاقات جديدة. وأخيرًا سعى للإجابة على سؤال: كيف يمكن الاستفادة من هذه المنهجية التي يقترحها في إعادة كتابة الأحداث التاريخية؟، وذلك من خلال التطبيق على حملة فيصل بن تركي على قطر في عام 1851، وذلك بتحليل عناصرها المختلفة، والعلاقات الشبكية بينها، والتفاعلات المستمرة بين هذه العناصر، والتي أدت إلى ظهور علاقات ونظم  جديدة.

نشر هذا الخبر